أجندة ترامب الجديدة: فرحة إسرائيل، صمت إيران، واستعداد نوبل!
الكاتب: رجا زاهد اختر خانزادها
كانت الدنيا على حافة لحظة ملتهبة، حيث كانت شوارع طهران مغطاة بالرماد، وأصداء صرخات تُسمع في أجواء تل أبيب. توقفت الحرب التي استمرت اثني عشر يومًا—والتي كادت أن تكون مقدمة لنهاية العالم—بشكل مفاجئ. لم يتحدث الاتحاد الدولي، ولم تتحرك أي لجنة عالمية للسلام… بل كان كل شيء نتيجة تغريدة واحدة… وابتسامة هادئة من رئيس أمريكي سابق أخمدت النيران.
لم تكن مجرد إعلان، بل كانت حركة شطرنج دبلوماسية، ملفوفة بكلمات، ولكنها مشتعلة بمصلحتها. قال دونالد ترامب: “إيران ستتوقف خلال ست ساعات، وإسرائيل بعد اثنتي عشرة ساعة، وبعد أربع وعشرين ساعة ستعلن العالم: الحرب انتهت”. قامت صحف The Guardian وReuters وAP بتغطية ذلك بإعجاب، لكن اللعبة التي دارت خلف الكواليس كانت مبنية على مثلث القوة والزمن والرغبة.
إيران دفنت جثث علماء، فقدت أحلامها النووية بين أنقاض المنشآت العسكرية، وشمت رائحة العجز في صفوف الجرحى—865 قتيلًا، وأكثر من 3000 جريح، وأمة مُنهَكة.
إسرائيل ظهرت ظاهريًا كمنتصر، لكنها تلطخت بـ 24 جثة ودخان متصاعد من مباني تل أبيب، لمحو احتفالها بالنصر.
لكل نصر ثمن، ولكل ثمن شهادة، وهذه المرة لم تمنحها لنا صفحات التاريخ بل منحتها لنا الحسابات المالية.
400 مليون دولار يوميًا للإنفاق الإسرائيلي، وجرح إيراني مقداره 100 مليون دولار، وعبء War Risk Premium على التجارة الخليجية… هؤلاء هم المنتصرون الذين خاضوا الحرب بأرصدة بنكية.
⸻
تخطيط مسبق؟
لم يكن هذا صاروخًا سقط فجأة،
ولا رائحة بارود تختفي في الدخان.
كما قال ترامب، كان مشهدًا مكتوبًا مسبقًا،
كل مشهد في السيناريو قد كُتب سابقًا.
وقد شهد بنفسه: عندما قررت إيران استهداف قاعدة أمريكية في قطر،
تم إعلام واشنطن قبل تنفيذ الهجوم!
فما المعنى؟ هل كانت حربًا؟ أم مسرحية؟
هل كان صاروخًا؟ أم إشارة؟
ألقي على باب العدو مصحوبًا برسالة:
“لا تقلق، هذه إنذار، ليست هجومًا.”
لقد تسرب هذا السر الصامت إلى صفحات التاريخ:
بينما ظن العالم أن البرميل يشتعل،
كانت المصافحات تُجرى خلف الستار.
ظاهرًا عاصفة،
وباطنًا سكون،
فوقنا توتر،
وتحتنا شبكة من التفاهمات.
هذا هو أسلوب السياسة
الذي تسمّيه القواميس الدبلوماسية “حوار ما قبل الاتفاق”،
وفي لغة العارفين—«اتفاق صامت».
⸻
الحرب صاخبة لكنها لم تكن حربًا،
والسلام أعلن لكن لم يكن سلامًا،
كانت صفحة من التاريخ، أُعيد تدويرها بأيدٍ
في منتصف المعركة.
لكن المشهد الحقيقي كان سياسيًا.
من جانب، قالت إسرائيل: “قمنا بردع الخطر النووي”،
ومن جانب آخر، قالت إيران: “أرسلنا صاروخًا إلى قلب العدو”.
وفي الوسط… صمت، في الواقع كان صدى صوت ترامب.
⸻
السؤال ليس: لماذا توقفت الحرب؟
بل: بمن توقفت؟
والإجابة: ترامب نفسه.
جائزة نوبل للسلام…
هل هي مجرد حلم؟ أم خطة مدروسة؟
هل صدفة أن يتخذ ترامب موقف السلام مباشرة بعد الهجوم؟
هل هي مجرد مناورة سياسية؟ أم أن نيتنياهو يفكر بالفعل في ترشيح ترامب للنوبل؟
أم أن كلّ ذلك سيناريو مكتوب مسبقًا—بإيرانيين وإسرائيليين وأمريكيين ممثلين—
والمخرج يختفي خلف الكواليس؟
هذه المسألة ليست محصورة في واشنطن فقط، بل تشمل إسلام آباد وأنقرة.
فريق دبلوماسي باكستاني ساهم صمتًا في التفاهم مع القيادة الإيرانية،
وتركيا وفرت قنوات خلفية عبر قطر وعمان
لم يُرَ، ولكن قلبها بدّل مسار المعركة.
هذه هي “تنسيق الدولة العميقة”،
حيث تبدو الأمور خارجة عن السيطرة،
ولكن كل خطوة محسوبة بعناية.
كما سابقًا، حينما أصبح ترامب وسيطًا بتغريدة في نزاع الهند وباكستان،
ها هو الآن يحكم المشهد من خلف ستار،
وهو غير ظاهر، ولكن المنظم للمشهد بأكمله.
⸻
التطبيل الدولي صحت بالتصفيق،
لكن Reuters ذكر أن “الشرق الأوسط لا يزال مشبعًا برائحة البارود.”
هذا الهدنة ليست استراحة سلام الدائم،
بل استراحة للالتقاط أنفاس قصيرة.
⸻
كلمات ترامب:
“لِيَحفظ الله إيران، وليَحفظ الله إسرائيل،
وليَحفظ الله الشرق الأوسط،
وليَحفظ الله أميركا،
وليَحفظ الله العالم!”
هل هي دعاء؟ أم رغبة بتاج لذاته؟
قد تنتهي بشارة النوبل على صدره.
قد يعود مرة أخرى كبطل السلام في السباق الانتخابي.
وإذا حدث ذلك،
فليُدرَج في الذاكرة أن
الفيلد مارشال الباكستاني المعروف
عاصم منير،
سيكون الشخصية الأكثر بقاءً في هذه القصة الصامتة.
لن يُذكر اسمه على منصة التكريم،
ولا تنشر صورته على رايات النوبل،
لكن المؤرخين الذين سيكتبون النقوش التاريخية
سيعرفون:
عندما توقفت الحرب،
كانت السيف في يد آخر…
لكن القرار…
اتخذ بين صمت الحكمة
راجہ زاہد اختر خانزادہ صحفيٌ بارز يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل في مجال الصحافة منذ أكثر من أربعين عاماً. وهو أيضاً مرتبط بعدة منظمات تُعنى بحقوق الإنسان، ويكتب بانتظام في موضوعات متنوعة تتعلق بجنوب آسيا، والشرق الأوسط، والولايات المتحدة الأمريكية.
وبناءً على طلب العديد من القرّاء الناطقين بالعربية والإنجليزية، تمّ ترجمة هذا المقال خصيصاً إلى اللغة العربية.
(إدارة صحيفة “دي جاگو تايمز” – دالاس، الولايات المتحدة الأمريكية)
للتواصل المباشر، يمكنكم الاتصال بالسيد راجه زاهد أختر خانزادہ عبر البريد الإلكتروني التالي:
Zkzada1@yahoo.com

